تم النسخ!
روسيا تحسم موقفها: لا تنازلات إقليمية في أي محادثات مع أوكرانيا
![]() |
| الكرملين يؤكد على موقفه الحاسم بشأن وحدة الأراضي التي يسيطر عليها |
في تصريح يعكس تشدداً في الموقف الرسمي لموسكو، أغلقت روسيا الباب أمام أي إمكانية لتقديم تنازلات تتعلق بالأراضي التي تسيطر عليها في أوكرانيا، وذلك في أي محادثات سلام مستقبلية. جاء هذا الموقف الحاسم على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الذي أكد أن هذه الأراضي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من روسيا من وجهة نظر بلاده. من واقع خبرتنا في تحليل الدبلوماسية الدولية، يمثل هذا التصريح رسالة واضحة ومباشرة لأوكرانيا وحلفائها الغربيين، مفادها أن أي مفاوضات يجب أن تنطلق من "الواقع الجديد على الأرض".
ويرى الكاتب أن: هذا الإعلان ليس مجرد تكرار لمواقف سابقة، بل هو ترسيخ لـ"خط أحمر" روسي يهدف إلى قطع الطريق على أي ضغوط دولية قد تمارس في المستقبل. من خلال تحديد الأراضي غير القابلة للتفاوض بشكل صريح، تضع موسكو شروطًا مسبقة تجعل من الصعب بدء أي عملية تفاوضية حقيقية، محولةً الصراع من أزمة قابلة للحل دبلوماسيًا إلى قضية وجودية تتعلق بالسيادة من منظورها.
في هذا المقال، نوضح تفاصيل الموقف الروسي، ونحدد الأراضي التي تعتبرها موسكو غير قابلة للتفاوض، ونحلل أبعاد هذا التصريح وتأثيره المحتمل على مستقبل الصراع.
الأراضي غير القابلة للتفاوض في المنظور الروسي
نقلت وكالة "تاس" الروسية الرسمية للأنباء عن سيرغي ريابكوف تحديده الواضح للمناطق التي يشملها الموقف الروسي الحاسم. هذه المناطق لا تقتصر فقط على الأراضي التي ضمتها روسيا مؤخرًا، بل تشمل أيضًا مناطق ضمتها منذ عام 2014.[7]
وفقًا لتصريحات ريابكوف، فإن موقف موسكو يشمل بشكل قاطع:
| المنطقة | الأهمية الاستراتيجية لروسيا |
|---|---|
| شبه جزيرة القرم | ضمتها روسيا عام 2014، وتعتبرها ذات أهمية تاريخية واستراتيجية لوجود أسطول البحر الأسود. |
| دونباس | تشمل منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وهي منطقة صناعية رئيسية ذات أغلبية ناطقة بالروسية. |
| "نوفوروسيا" | مصطلح تاريخي تستخدمه روسيا للإشارة إلى أراضي جنوب أوكرانيا، ويشمل مناطق مثل خيرسون وزابوريجيا. |
دلالات التصريح وتأثيره على مسار الحرب
يأتي هذا التصريح في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لإيجاد حل دبلوماسي للحرب، ولكنه يضع عقبة كبيرة أمام أي جهود وساطة.
وهذا يشبه المواقف التي تتخذها الدول في نزاعات إقليمية تاريخية أخرى، حيث يصبح التمسك بالأرض مبدأً أساسيًا غير قابل للنقاش، مما يؤدي إلى تجميد الصراع لسنوات أو عقود دون حل. إن إعلان الشروط بهذه الصرامة مسبقًا يهدف إلى اختبار مدى جدية الطرف الآخر والمجتمع الدولي في قبول المطالب الروسية كأمر واقع.
الرسائل الرئيسية من هذا الموقف:
- رفض الضغوط: إظهار أن العقوبات والضغوط العسكرية الغربية لن تجبر موسكو على التراجع عن مكاسبها الإقليمية.
- تحديد أساس المفاوضات: أي محادثات سلام مستقبلية، من وجهة نظر روسيا، يجب أن تعترف بسيطرتها على هذه الأراضي.
- رسالة داخلية: طمأنة الجمهور الروسي بأن القيادة لن تتخلى عن الأراضي التي تعتبرها جزءًا من "العالم الروسي".[8]
موقف كييف والمجتمع الدولي
في المقابل، يتمسك الموقف الأوكراني الرسمي، المدعوم من حلفائه الغربيين، بضرورة استعادة كامل أراضيه المعترف بها دوليًا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ودونباس، كشرط أساسي لأي تسوية سلمية. هذا التباين الجذري في المواقف يجعل من احتمالية عقد مفاوضات مثمرة في المستقبل القريب أمراً بعيد المنال.
ونرى أن العالم يقف أمام طريق مسدود. فبينما تصر روسيا على أن السلام يبدأ بالاعتراف بـ"الواقع الجديد"، تصر أوكرانيا على أن السلام لا يمكن أن يبنى على حساب سيادتها ووحدة أراضيها. هذا الصدام بين مبدأ "الأمر الواقع" ومبدأ "القانون الدولي" هو جوهر المأزق الحالي، ويبدو أن الحل لن يأتِ إلا من خلال تغييرات جذرية في موازين القوى على الأرض.
في الختام، يمثل تصريح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف نقطة تحول في الخطاب الدبلوماسي، حيث ينتقل من الغموض إلى الوضوح التام بشأن الشروط الروسية. هذا الموقف، رغم أنه يغلق الباب أمام المفاوضات السهلة، فإنه يحدد بوضوح الثمن الذي تطلبه موسكو لإنهاء الحرب، وهو ثمن يبدو أن كييف والمجتمع الدولي غير مستعدين لدفعه، مما ينبئ باستمرار الصراع لفترة أطول.


















