تم النسخ!
عندما يتحول "الدم" إلى ماء: قصة جحود في كفر الشيخ
بقلم قدر يحيى: رئيس مجلس الإدارة
![]() |
| واقعة الاعتداء على مسن كفر الشيخ تثير غضباً واسعاً على منصات التواصل |
لم يكن "عبد الحفيظ فتحي خليفة"، المسن الذي يعاني من أمراض مزمنة، يتخيل يوماً أن تنتهي حياته بمشهد يوثق ضربه وإهانته على يد أقرب الناس إليه. فيديو صادم انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه الرجل العجوز وهو يتعرض لاعتداء وحشي داخل منزله بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ. الجناة ليسوا غرباء، بل هم أشقاؤه الذين أعمى "الميراث" بصائرهم، ليتحول الخلاف على شقة سكنية إلى حرب استنزاف جسدي ونفسي لرجل لم يطلب سوى الستر في آخر أيامه.[1]
ويرى الكاتب أن: ما حدث في كفر الشيخ ليس مجرد جريمة جنائية، بل هو جرس إنذار اجتماعي خطير. عندما يصبح "الشاكوش" وسيلة للتفاهم بين الإخوة، وعندما تُنتهك حرمة كبار السن داخل بيوتهم، فإننا أمام أزمة أخلاقية تتجاوز حدود القانون. الميراث شرع الله لتوزيع الحقوق، وليس لتقطيع الأرحام.
في هذا التحقيق الإنساني، ننقل رواية ابنة الضحية التي كشفت التفاصيل الكاملة لتاريخ طويل من الألم والصراع.
بداية النار: تسجيل الشقة يفتح أبواب الجحيم
روت "دنيا"، ابنة المجني عليه، لـ "صدى البلد" جذور الأزمة التي بدأت قبل أكثر من عام. قرر والدها، الذي يعاني من الضغط والسكر وتليف الكبد، تأمين مستقبل أبنائه بكتابة الشقة التي يقيم فيها باسمهم. الشقة جزء من عقار يضم ثلاث وحدات سكنية، لكل شقيق شقته المستقلة، وهو حق شرعي لا جدال فيه.
ولكن، بمجرد علم الأعمام بهذا التصرف القانوني، تحولوا إلى وحوش كاسرة. بدأت المضايقات اليومية، والترصد، ومنع الأسرة من زيارة والدهم المريض، في محاولة لكسر إرادته وإجباره على التنازل.
يوم الواقعة: ضرب بالشاكوش وإرهاب للأهالي
تفاقم الوضع بشكل مأساوي يوم أمس، حيث فوجئ الأب بصوت طرق عنيف على جدار منزله باستخدام "شاكوش". وعندما حاول استطلاع الأمر، باغته شقيقه بإلقاء قوالب طوب أصابته في ظهره ورأسه، ثم تطور الأمر إلى الاعتداء المباشر بالضرب والصفع والسب بألفاظ نابية، في مشهد إرهابي منع الأهالي من التدخل خوفاً من بطش المعتدين.
سجل حافل من العنف:
- واقعة سابقة: الاعتداء على الأب وتكسير أسنانه وتحطيم سيارته بالطوب قبل عام.
- تكسير الخدمات: تخريب خزان المياه الخاص بالأب وإلقاء القمامة فيه.
- إصابات أخرى: التعدي بسلاح أبيض على شقيقة "دنيا" وإحداث جرح قطعي، وإصابة زوجها بـ 15 غرزة.
محاضر وجلسات عرفية بلا جدوى
أكدت الابنة أن الأسرة طرقت كل الأبواب. عُقدت جلسات عرفية حكمت بتعويض مالي للأب، لكنه تنازل عنه مقابل "الأمان" فقط، وهو ما لم يتحقق. حتى الأحكام القضائية لم تردعهم؛ فقد صدر حكم بحبس العم عاماً خفف لشهرين، ولكنه خرج من السجن منذ 15 يوماً فقط ليعاود الانتقام بشكل أشرس.
المأساة لم تنتهِ هنا، فالعم المعتدي فر هارباً ليحرر محضراً كيدياً ضد شقيقه المسن، الذي يقبع الآن في مركز الشرطة رغم إصابته، في انتظار الروتين القانوني والتحريات، بينما تعيش الأسرة في رعب وتبيت الأم عند أقاربها خوفاً من التهديدات المستمرة بالقتل.[2]


















