تم النسخ!
السيفير (سيالوريا): أكثر من مجرد "ترييل" عابر
بقلم قدر يحيى: رئيس مجلس الإدارة
![]() |
| مرض السيفير يتطلب تشخيصاً دقيقاً للتمييز بين السيلان الطبيعي والمرضي |
في الأشهر الأولى من عمر الطفل، يُعتبر سيلان اللعاب أمراً فسيولوجياً طبيعياً ومحبباً أحياناً، لكن استمراره بشكل مفرط مع تقدم العمر يتحول إلى جرس إنذار طبي يُعرف بمرض "السيفير" أو "السيالوريا" (Sialorrhea). هذه الحالة تتجاوز كونها إحراجاً اجتماعياً أو مشكلة جمالية؛ فهي قد تكون المرآة التي تعكس اضطرابات عصبية أو عضلية كامنة، وتؤثر سلباً على جودة حياة الطفل، بدءاً من الالتهابات الجلدية المؤلمة حول الفم، وصولاً إلى صعوبات النطق والبلع التي تعيق تواصله مع العالم. فهم الجذور الحقيقية لهذه المشكلة هو الخطوة الأولى في رحلة العلاج.[1]
ويرى الكاتب أن: التعامل مع "السيفير" يتطلب وعياً من الأهل بعدم الاستخفاف بالأعراض. الكثير من الآباء يعتقدون أنها مجرد "عادة" ستزول، بينما قد تكون إشارة لضعف في التحكم العصبي العضلي. التدخل المبكر لا يعالج اللعاب فحسب، بل يعزز ثقة الطفل بنفسه ويحميه من التنمر أو الانعزال الاجتماعي.
⚠️ إخلاء مسؤولية طبية: هذا المحتوى ذو طبيعة توعوية ولا يشكل استشارة طبية احترافية ولا يغني بأي حال من الأحوال عن الاستشارة الطبية المهنية. يشدد بشكل قاطع على ضرورة استشارة الطبيب المعتمد قبل أي إجراء علاجي، لضمان التقييم الدقيق والمناسب لحالتك الفردية وسلامتك.
في هذا الدليل الطبي الشامل، نغوص في أعماق مرض السيفير، لنكشف أسبابه الحقيقية، وكيفية التمييز بينه وبين التسنين العادي، والخيارات العلاجية المتطورة المتاحة.
لماذا يحدث "الفيضان"؟ الأسباب الحقيقية للسيفير
من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن السيفير يعني دائماً "زيادة في إنتاج اللعاب". في الحقيقة، السبب الأغلب هو "الفشل في تصريف اللعاب" أو عدم القدرة على البلع بكفاءة. الأسباب تتنوع بين:
- الاضطرابات العصبية (السبب الأبرز): مثل الشلل الدماغي (Cerebral Palsy) وإصابات الدماغ، حيث تضعف الإشارات العصبية المسؤولة عن التحكم في عضلات الفم والبلع.
- مشاكل تشريحية: تضخم اللوزتين أو اللحمية، أو سوء إطباق الأسنان والفكين، مما يجعل إغلاق الفم أمراً صعباً على الطفل.
- اضطرابات النمو: كما في حالات التوحد أو التأخر الإدراكي، حيث يتأخر اكتساب ردود الفعل التلقائية للبلع.
- ضعف الحس الفموي: عدم شعور الطفل بتراكم اللعاب داخل فمه، فلا يبتلعه تلقائياً.[2]
رحلة التشخيص: كيف يحدد الطبيب المشكلة؟
لا يوجد تحليل دم واحد يكشف المرض، بل يعتمد التشخيص على تقييم إكلينيكي دقيق ومتعدد الجوانب:
| خطوة التشخيص | الهدف والإجراء |
|---|---|
| التاريخ الطبي | معرفة متى بدأت المشكلة، وهل هي مستمرة أم متقطعة، وتاريخ النمو العصبي للطفل. |
| الفحص السريري | فحص قوة عضلات الشفاه واللسان، وضعية الفك، وحالة الأسنان واللوزتين. |
| تقييم البلع | إجراء دراسة ديناميكية للبلع (أحياناً بالأشعة) للتأكد من سلامة المريء وعدم وجود ارتجاع.[3] |
ترسانة العلاج: من التدريب إلى الجراحة
علاج السيفير ليس "قالب واحد يناسب الجميع"، بل خطة متدرجة تعتمد على شدة الحالة وعمر الطفل:
- العلاج الوظيفي والسلوكي (الخطوة الأولى): تدريب الطفل على تقوية عضلات الفم، وزيادة الوعي بضرورة إغلاق الشفاه وبلع الريق بانتظام.
- العلاج الدوائي: استخدام أدوية مثل "جليكوبيرولات" لتقليل إفراز اللعاب، ولكن بحذر شديد نظراً لآثارها الجانبية.
- حقن البوتوكس (الخيار الفعال): حقن البوتوكس في الغدد اللعابية لتقليل نشاطها مؤقتاً (مفعول يستمر 3-6 أشهر)، وهو حل آمن وقليل التدخل الجراحي.
- الحلول الجراحية: في الحالات المستعصية جداً، قد يلجأ الأطباء لإعادة توجيه قنوات اللعاب أو إزالة بعض الغدد، وهو الخيار الأخير.[4]


















